المشاركات

عرض المشاركات من 2022

حرائق صغيرة في كل مكان (مراجعة)

صورة
  لا يُحتمل بأي حال من الأحوال اختزال رواية حرائق صغيرة في كل مكان إلى رواية مكان فحسب. ولكن بالرغم من ذلك لا يمكن تجاهل الحضور الطاغي والمستمر لمدينة "شايكر هايتس" على مسرح الأحداث.  فكما يقول عالم الإجتماع البولندي زيجمونت بومان:  "حول الأمكنة تتشكل التجربة البشرية وتُكتشف، وتُدار مشاركة الحياة، ويتشكل معناها، ويُستوعب، ويُتفق عليه؛ وحول الأمكنة، ومن الأمكنة، تتشكل الدوافع والرغبات البشرية، وتتبلور، وتعيش على أمل التحقق، وتُخاطر بالتعرض للإحباط والإخفاق."    الأزمنة السائلة؛ صــــ 97،98 وتتكشف الأحداث هنا بما يجعل لـ"مدينة شايكر" ذلك الطابع الميثولوجي في خلفية الأحداث. فالمدينة هنا كائن أسطوري بتاريخ ذي معنى وهدف، لا يقل أهمية عن معماريتها أو الخدمات المتوفرة بها. وتمثل المدينة بتاريخها وقواعدها هويةً لساكنيها وأسلوبًا حياتيًا كاملًا. وما يعزز محورية المكان في نسيج القصة هو المقال الذي استهلت به "سيلست إنج" الكتاب؛ فالمقالُ المنشور في جريدة الـ"كوزموبوليتان" يحمل طابعًا تبشيريا إلى حد بعيد، ووعد بحياة يوتيوبية في مدينة "شايكر هاي...

وغادرت الغزلان!

صورة
إلا غزالة نحيفة بقيتْ.. في الركن الأبعد منه، بقيتْ. لازمَ زمنًا حُجراتِ قلبي وادٍ أخضر. آوى في سهله قطيعًا من الغزلان. كُنَّ يضحكن، وكُنَّ يرقصن، وكانت حوافرُهنَّ مُحنَّأةً، تدق كالطبول في رأسي. كُنَّ مؤنساتِ صمتي. ثم حدث أن اجتاحتني عاصفة، لم تخلِّف وراءها إلا بردًا ووحلًا وغصونًا مهشمة.  أزَّ خطو القطيع يُعمِل حوافره في بقايا الأغصان المذعورة، يفتتها، في طريقه مغادرًا.  اتجهتْ الغزلان إلى البحر، التفتتْ خلفها للحظة.. ثم رحلتْ، ولم تمشِ على الموج!  صار صدري مهجورًا، كمرعً يابس.. ارتدى عباءة من ظلام، وهجرَه الرقص. إلا غزالة نحيفة بقيتْ.. في الركن الأبعد منه، بقيتْ. تلعق جروحها وهي ترتجف، ومن وقت لآخر تنفخ في ناي مشروخ لتذكرني أنها لا تزال هنا، تنتظر عودة الرفاق.